إعداد _ هبة محمد الطيب
اسوار حديديه عبث بها الزمن ولم يبقى منها الا بضع اجزاء تحكي عن سور كان هنا … مقاعد اكل منها الدهر ولم تعد صالحة للجلوس عليها لانها تؤزي جسم من يقترب من احدى زواياها … سبورات من سؤها وخشونتها تظن انها تلتهم الطباشير كجائع لايام طويله.. النوافذ والابواب لها صرير اضحى جزء من الحصص والصخب المدرسي .. وفصول مكتظة بالاطفال “الشعث الغبر ” حتى تعتقد لوهلة ان عيناك لن تبلغ آخرهم .
هذا هو حال المدارس الريفيه البعيده في ولاية نهر النيل محلية الدامر ، وبالتحديد منطقة قباتي والتي تحتوي على مدرستين للمرحله الاساسيه احداهما سميت باسم المنطقه وقسمت لجزئين جزء للاولاد والاخر للبنات .. والثانيه هي مدرسة البروف يوسف فضل او مدرسة الوادي كما يحلو لساكني المنطقة تسميتها .
شيدت المدرسه على يد عالم التاريخ البروفيسور يوسف فضل وهو من ابناء المنطقه ثم باشرت المدرسه بتقديم خدماتها ف التعليم بدعم زاتي من اهالي المنطقه واللذين هم احوج ما يكونون للدعم ولكن هذا حال الانسان الريفي البسيط يعين وهو يحتاج للعون ..
هذه المدرسه واحده من كثير من المدارس الريفيه التي تحتاج ان ينظر لها بعين الاعتبار والتي عدا عن مساوئها سالفة الذكر تعاني من شح المعلمين والذين يعتبرون المقوم الأساسي للمدرسه حيث عينت الوزارة – التربية والتعليم – ماعدده اربعة معلمين فقط وتعتمد المدرسه فيما عدا ذلك على المتعاونين والمتدربين وهؤلاء -المتدربين- تبعث بهم المحليات في اول كل عام دراسي لتحمل تلك الشرذمه من المعلمين والمتعاونين الحمل وحدهم لآخر العام . وفيما يختص بمستحقات المتعاونين من ابناء المنطقه فهي – على قلتها – تؤخذ مما يدفعه الأهالي شهريا لدعم المدرسه والتي لا تتجاوز على حد تعبيرهم “حق المواصلات ” التي تحضرهم للمدرسه ؛ المدرسه التي تصبح ف نهاية اليوم الدراسي مناما للبهائم بعد ان تقضي ع الشتيلات التي تزرع بين الفينة والأخرى ولا يفلح الشوك الذي لف حولها من حمايتها .. هذا عدا المارين اثناء اليوم الدراسي باعتبارها طريقا مختصرا .
وفضلا عن كل هذا يشتكي اولياء الامور والمعلمين من شح الكتب المدرسيه التي لاتصل اليهم دائما لانهم ع حد وصفهم “في قعر الواطه” ؛ لهذا يتم اشتراك ثمانيه تلاميذ او اكثر في كتاب واحد يتم تغليفه ببقايا جوال سكر ارهقه طول التخزين ، او اكياس السلع الغذائية والتي تخاط حول الكتاب بعناية المهتم مع ضيق الحال.
وترى الاطفال وهم يحملون حقائب من نفس الجوالات البلاستيكيه ولكنها جديده نوعا ما -ربما فرغت لتوها من السكر في احد الدكاكين- علها تتحمل عناء الكتب والكراسات ومايجمعه الاطفال في طريقهم نحو منازلهم .. وتتناسب هذه الحقائب بيدها الواحده مع قامة الطفل الذي يحملها وهو في قمة الرضا والسعادة بملابس ربما اكمل مالكها الاساسي المرحله الابتدائيه ويبدو ذلك جليا من آثار الخياطة الكثيره والشقوق والخدوش التي تملأ جسد الزي الصغير .. ويكتمل الزي بانتعالهم لاحزيه بيتيه التصقت مع اقدامهم المليئة بالشقوق والجروح التي لاتلبث ان تبرأ حتى تتجدد اما بحجر او فرع “شوك” كبير .
حدثتنا احدى معلمات المدرسه عن ان احدى المنظمات كانت تقدم بعض الخدمات بين الفينة والاخرى ولكنها توقفت مع ظروف البلاد الحاليه وكما ترين ” بس الشفع ديل اهلهم دايرنهم يقروا ” عدا ذلك فلا وجود لاقل مقومات المدرسه الاساسيه .
“ع” احدى سكان المنطقه وام لاحد تلاميذ المدرسه قالت “احنا بندور العلام للولاد ديل” ولولا هذا فان ال”الالفين كتيره علينا لكن بندفعه في شان يتعلمو” .
وتقوم ادارة المدرسه حسب افاداتها بتوظيف هذه ال “الفين” لخدمة ‘الميس’ الخاص بالمعلمات المعينات من الوزاره ودفع مستحقات المتعاونين وشراء الطباشير وبعض احتياجات المدرسه الاساسيه ، وهذه ‘الالفين لاتسمن وتغني من جوع النقص في هذه المدارس فهل تنظر الوزاره والحكومة لهذه المدارس المهمشه ام يستمر التعليم بهذا الوضع في عصر التكنلوجيا التي لم يسمع بها انسان هذة المنطقه
البوست السابق
قد يعجبك ايضا